فصل: الشاهد الرابع عشر بعد السبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.رجوع جلال الدين من الهند واستيلاؤه على العراق وكرمان وأذربيجان ثم زحف التتر إليه.

ثم رجع جلال الدين من الهند سنة إحدى وعشرين واستولى على ملك أخيه غياث الدين بالعراق وكرمان وبعث إلى الخليفة يطلب الخطبة فلم يسعف فاستعد لمحاربته وقد كانت بلاد الري من بعد تخريب التتر المغربة لها عاد إليها بعض أهلها وعمروها فبعث إليها جنكزخان عسكرا من التتر فخربوها ثانية وخربوا ساوة وقم وقاشان وأجفل أمامهم عسكر خوارزم شاه من همذان فخربوها واتبعوهم فكبسوهم في حدود أذربيجان ولحق بعضهم بتبريز والتتر في ابتاعهم فصانعهم صاحبها أزبك بن البهلوان وبعث بهم إلى التتر الذين في أتباعهم بعد أن قتل جماعة منهم وبعث برؤسهم وبالأموال على سبيل المصانعة فرجعوا عن بلاده وسار جلال الدين إلى أذربيجان سنة اثنتين وعشرين فملكها وكانت له فيها أخبار ذكرناها في دولته ثم بلغ السلطان جلال الدين أن التتر زحفوا من بلادهم وراء النهر إلى العراق فنهض من تبريز للقائهم في رمضان سنة خمس وعشرين ولقيهم على أصبهان وانفض عنه أخوه غياث الدين في طائفة من العساكر وانهزمت ميسرة التتر وسار السلطان في اتباعهم وقد أكمنوا له وأحاطوا به واستشهد جماعة ثم صدق عليهم الحملة فأفرجوا له ومضى لوجهه وانهزمت العساكر إلى فارس وكرمان وأذربيجان ورجع المتبعون للتتر من قاشان فوجدوه قد انهزم فافترقوا أشتاتا ولحق السلطان بأصبهان بعد ثمانية أيام فوجد التتر يحاصرون أصبهان فبرز إليهم في عساكرها وهزمهم وأتبعهم إلى الري وبعث العساكر في اتباعهم إلى خراسان ورجع إلى أذربيجان وأقام بها وكانت له فيها أخبار مذكورة في دولته والله سبحانه وتعالى أعلم.

.مسير التتر إلى أذربيجان واستيلاؤهم على تبريز واقعتهم على جلال الدين بآمد ومقتله.

كان التتر لما استقروا فيما وراء النهر عمروا تلك البلاد واختطوا قرب خوارزم مدينة عظيمة تعوض منها وبقيت خراسان خاوية واستبد بالمدن فيها طوائف من الأمراء أشباه الملوك يعطون الطاعة للسلطان جلال الدين منذ جاء من الهند وانفرد جلال الدين بملك العراق وفارس وكرمان وأذربيجان وأران وما إلى ذلك وبقيت خراسان مجالا لغزاة التتر وعساكرهم وسارت طائفة منهم سنة خمس وعشرين إلى أصبهان وكانت بينهم وبين جلال الدين الواقعة كما مر ثم زحف جلال الدين إلى خلاط وملكها وزحف إليه صاحبها الأشرف بن العادل من الشام وعلاء الدين كيقباد صاحب بلاد الروم وأوقعوا به كما مر في أخباره سنة سبع وعشرين الواقعة التي أوهنت منه وحلت عرى ملكه وكان مقدم الإسماعيلية بقلعة الموت عدوا لجلال الدين بما أثخن في بلاده وقرر عليه وظائف الأموال فبعث إلى التتر يخبرهم أن الهزيمة أوهنته ويحثهم على قصده فسار إلى أذربيجان أول سنة ثلاث وعشرين.
وبلغ الخبر إلى السلطان بمسيرهم فرحل من تبريز إلى موقان وأقام بها في انتظار شحنة خراسان ومازندران وشغل بالصيد فكبسه التتر ونهبوا معسكره وخلص إلى نهر رأس من أران ثم رجع إلى أذربيجان وشتى بماهان ثم جاءه النذير بمسير التتر إليه فرحل إلى أران وتحصن بها وثار أهل تبريز لما بلغهم خبر الوقعة الأولى بمن عندهم من عساكر الخوارزمية وقتلوهم ومنعهم رئيسهم الطغرياني من طاعة التتر ووصل للسلطان جلال الدين ثم هلك قريبا فسلحوا بلادهم للتتر وكذا فعل أهل كنجة وأهل سلعار ثم سار السلطان إلى كنجة وارتجعها وقتل المعترضين للثورة فيها وسار إلى خلاط واستمد الأشرف بن العادل صاحب الشام فعلله بالمواعيد وسار إلى مصر ويئس من إنجاده فبعث إلى جيرانه من الملوك يستنجدهم مثل صاحب حلب وآمد وماردين وجرد عسكرا إلى بلاد الروم في خرت برت وملطية وأذربيجان فاقتحموها لما بين صاحبها كيقباد وبين الأشرف من الموالاة فاستوحش جميع الملوك من ذلك وقعدوا عن نصرته.
وجاءه الخبر وهو بخلاط أن التتر زحفوا إليه فاضطرب في رحله وبعث أتابكه أو ترخان في أربعة آلاف فارس طليعة فرجع وأخبره أن التتر رجعوا من حدود ملاذكرد وأشار عليه قومه بالمسير إلى أصفهان وزين له صاحب آمد قصد بلاد الروم وأطمعه في الإستيلاء عليها ليتصل باقفجاق ويستظهر بهم على التتر ووعده الإمداد بنفسه يروم الإنتقام من صاحب بلاد الروم لما ملك من قلاعه فخيم وعدل عن أصفهان ونزل بآمد وبعث إليه التركمان بالنذير وأنهم رأوا نيران التتر فاتهم خبرهم وصحبه التتر على آمد منتصف شوال سنة ثمان وعشرين وأحاطوا بخيمته وحمل عليهم أتابكه أوترخان وكشفهم عن الخيمة.
وركب السلطان وأسلم أهله وسواده ورد أوترخان العساكر وانتبد ليتوارى عن عين العدو وسار أوترخان إلى أصفهان واستولى عليها إلى أن ملكها التتر من يده سنة تسع وثلاثين وذهب السلطان منجفلا وقد امتلأت الدربندات والمضايق بالمفسدين من غير صنوفهم بالقتل والنهب فأشار عليه أوترخان بالرجوع فرجع إلى قرية من قرى ميافارقين ونزل في بيدرها وفارقه أوترخان إلى حلب.
وهجم التتر على السلطان بالبيدر وقتلوا من كان معه وهرب فصعد إلى جبل الأكراد وهم مترصدون الطرق للنهب فسلبوه وهموا بقتله.
وشعر بعضهم أنه السلطان فمضى به إلى بيته ليخلصه إلى بعض النواحي ودخل البيت في مغيبه بعض سفلتهم وهو يريد الثأر من الخوارزمية بأخ له قتل بخلاط فقتله ولم يغن عنه أهل البيت ثم إنتشر التتر بعد هذه الواقعة في سواد آمد وأرزن وميافارقين وسائر ديار بكر فاكتسحوها وخربوها وملكوا مدينة أسعرد عنوة فاستباحوها بعد حصار خمسة أيام ومروا بميافارقين فامتنعت ثم وصلوا إلى نصيبين فاكتسحوا نواحيها ثم إلى سنجار وجبالها والخابور.
ثم ساروا إلى أيدس فأحرقوها ثم إلى أعمال خلاط فاستباحوها هاكر وأرجيش وجاءت طائفة أخرى من أذربيجان إلى أعمال أربل ومروا في طريقهم بالتركمان الأيوبية والأكراد الجوزقان فنهبوا وقتلوا وخرج إليهم والي أربل مستمدا أهلها وعساكر الموصل فلم يدركوهم فعادوا وبقيت البلاد قاعا صفصفا.
والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.